الاثنين، 27 يونيو 2016

هل يصبحُ الوطن حلما ؟!



  

   

     هل يُصبح الوطن حُلماً , أو خيالات نَهذي بها بين الحين والآخر ؟
وأيهما  يا ترى يكون أصعب أن تولد بعيداَ عن الوطن الذي يشير كل  شيئ فيك أنّك تنتسب إليه ؟
أم أن تُولد في وطنك ثم تجد نفسك تشيب بعيدا عنه ولم يبقى لك منه سوى ذكريات طفوليّة برائحة خبز جارتك َ العجوز التي ماتت حزناً  وهي تحتضن مفاتيح منزلها الّذي سلبوها إياه؟!

كانت هذه الأسئلة تتبادر إلى ذهني وأنا جالسة مع الحاجة بيسان التي أخبروني أنها قد " خرفنت" وباتت تهذي بكلمات وجمل غير مترابطة كلها عن فلسطين وعن "أبو أسامة " .
 قبل أن ألتقيَ بها كنت أظن أنّ الشَيب يمحو مع سواد شعرنا أوجاعنا , ولكنني اكتشفتُ أن هناك أوجاعاً تُحفر في ذاكرتنا إلى أخر أيام عمرنا .
مازلت أذكر  بعض تلك الوصايا والكلمات التي قالتها لي بلهجةٍ فلسطينيّة ما استطاعت كل السنين أن تغيّرها :



_
" بس تتحرّر فلسطين بدي تبوسيلي ترابها وتخبريها أنه في ختيارة كانت عايشة تستنى اليوم الّي ترجع في على بلدها, لا تنسي تروحي على " نابلس" جنة فلسطين..
واسهري على بحر غزة هوا الشط برد الروح..
أيام البلاد كنا نروح على غزة زي ما  بدنا ..... قبل ما يستشهد أبو أسامة" ..
أخذ الحوار يتقلّب شمالا ويمينا ,و بدأت الدموع تتلألأ في عينيّ وأنا أرى عجوزا
فلسطينيةً مرة تصف لي فلسطين , ومرة تخبرني عن  أيام خطوبتها هي و أحمد " أبو أسامة" ، 
ومرة تخبرني كيف تلقّت خبر استشهاده ..
أخبرتني عن تفاصيل نكبتنا , وعن مصاعب الحياة في المخيمات ...وفي نهاية الحوار , سألتني مرة أخرى: 
_ شو حكيتيلي أسمك يا بنتي!؟
فأدركت هنا , أنّ اللاجىء مهما بلغ من الكبر ومهما خانته ذاكرته ,
لا ينسى تفاصيل الوطن , ولا قصة حبه العذريّ التي نشأت على أرض فلسطين ..
ولا أين خَبَّأ مفاتيح منزله إلى يوم العودة...


                                                           فرح أحمد

هناك تعليق واحد:

  1. لا يشعر بالألم الا صاحبه..لكنني تأثرت كثيرا من جد و دعائي لفلسطين بالتحرر من الطغاة و المعتدين..كل الشكر لكي

    ردحذف